الأحد، 4 أكتوبر 2015

السماء والجاذبية إكتشاف إسلامي

يقول عز وجل: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) [الروم: 25]. في هذه الآية إشارة قوية إلى الجاذبية، وكما نعلم فإن الجاذبية لم يتم اكتشافها إلا في القرن العشرين، وتبين أن قوى الجاذبية تربط أجزاء الكون فلا يتفكك أو ينهار. وفي عام 1912 أعطى آينشتاين تفسيراً علمياً لسرّ ترابط الكون من خلال أمواج الجاذبية. 

ولكن القرآن تحدث عن هذا السر قبل أربعة عشر قرناً في قوله تعالى: (أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ) فقوى الجاذبية هي مخلوق من مخلوقات الله يعمل بأمر الله، فالسماء والأرض وكل محتويات الكون لا يمكنها القيام والاستمرار والتماسك إلا بوجود هذه القوى الجاذبة، وهي أمر من عند الله تعالى. 

وفي هذه الصورة نرى "سديم النسر" وهو مجموعة من النجوم حديثة الولادة، وغيوم من الدخان الكوني، إنه بناء محكم. وفي مركز الصورة نرى ما يسميه العلماء "Pillars of Creation" أعمدة الخلق. والعلماء يتحدثون عن أعمدة من الجاذبية لا تُرى، ويمكن أن نتذكر قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) [الرعد: 2]. 

فكثير من الآيات تشير إلى حقيقة الجاذبية الكونية، وهذه النجوم لا يمكن أن تتماسك لولا قوة الجاذبية. والعلماء من غير المسلمين يعتبرون أن قوة الجاذبية وُجدت هكذا بمجرد المصادفة، ولكن القرآن يحدثنا عن قدرة الله تعالى وتسخيرة لقوة الجاذبية لإمساك هذه النجوم، يقول عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [فاطر: 41]. 

كذلك فإن العلماء يتحدثون في أبحاثهم عن "أبنية كونية عملاقة" تتألف من المجرات والقرآن سبقهم للحديث عن هذه الأبنية وسماها "البروج" يقول عز من قائل: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ) [الحجر: 16].... وهكذا عشرات الآيات تأتي مطابقة لما يراه العلماء اليوم بأحدث التلسكوبات. 

ونقول لأولئك المشككين: بالله عليكم هل يمكن للنبي صلى الله عليه وسلم وهو نبي أمي أن يقدم وصفاً دقيقاً للكون كما نراه اليوم؟ إن هذه الآيات هي دليل صادق على أنه نبي مرسل من عند الله تعالى، وأن كل كلمة في هذا القرآن هي الحق من عند الله، وأذكر في هذا المقام قوله تعالى: (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) [يونس: 53]. 

ملاحظة: 

لفت انتباهنا أحد الإخوة جزاهم الله خيراً إلى أن الجاذبية هي اكتشاف إسلامي وليس غربي! وهذا ما نراه واضحاً في كلام البغدادي الذي تحدث عن قوانين الجسم المقذوف والسقوط الحر فقال: "فكذلك الحجر المقذوف فيه ميل مقاوم للميل القاذف؛ إلا أنه مقهور بقوة القاذف؛ ولأن القوة القاسرة عرضية فيه، فهي تضعف لمقاومة هذه القوة والميل الطبيعي ولمقاومة المخروق.. فيكون الميل القاسر في أوله على غاية القهر للميل الطبيعي، ولا يزال يضعف ويبطئ الحركة ضعفًا بعد ضعف وبطئًا بعد بطء حتى يعجز عن مقاومة الميل الطبيعي، فيغلب الميل الطبيعي فيحرك إلى جهته". 

وهذا يشير بوضوح إلى أن البغدادي يتحدث عن تأثير الجاذبية الأرضية. وكذلك تناول عدد من علماء المسلمين موضوع تسارع الجاذبية الأرضية مثل الخازن في كتابه "ميزان الحكمة"، وهذا يدل على سبق علماء المسلمين للغرب في هذا المجال.

سديم الوردة وإنشقاق السماء



بتاريخ 26 / 7 / 2007 عرضت وكالة ناسا الأمريكية للفضاء ومن خلال موقعها صورة لسديم أطلقوا عليه اسم "الوردة" Rosette Nebula هذه الصورة التقطت بأحد التلسكوبات التي تعمل على الأشعة تحت الحمراء، وطبعاً الأشعة تحت الحمراء هي أشعة غير مرئية، ولكن النجوم تصدر هذه الأشعة ويمكن للمراصد التقاطها. 

إذا تأملنا هذا المشهد نظن بأنه يمثل لوحة زيتية رسمها أحد الفنانين التشكيليين! فتظهر عليها الألوان الأحمر والأخضر والأزرق والأصفر، وتظهر وآثار الدهان وكأن هذا الرسام وضع عليها من جميع الألوان فأصبحت كالوردة المرسومة بالدهان! 

لنتأمل هذه الصورة أولاً ثم نعلق عليها: 

صورة لسديم الوردة، وهو يشبه الوردة المرسومة بألوان زاهية من الدهان، ولكن درجة حرارة هذا السديم تبلغ بحدود 25 ألف درجة على سطح النجوم المشكلة بداخله! ويبعد هذا السديم عنا بحدود 5200 سنة ضوئية، ويبلغ طول هذا السديم بحدود 45 سنة ضوئية. والسنة الضوئية هي مليون مليون كيلو متر تقريباً. 

هذا السديم نتج عن تجمع للغبار والدخان الكوني الناتج من الانفجارات النجمية، وذلك خلال بلايين السنين، وتتشكل في داخله بعض النجوم (ولادة النجوم) وهناك نجوم تموت أيضاً، وهو يمثل مرحلة من مراحل السماء أو من مراحل عمر النجوم. 

والآن نأتي لكتاب الله تعالى لنرى كيف يحدثنا عن يوم القيامة وأن السماء ستنهار وتتشقق، فكيف وصف لنا القرآن هذا المشهد؟ القرآن دائماً يقرب لنا الفكرة لأننا لا يمكن أن نشاهد تشقق السماء لأن المشهد فظيع ومريع، ولكن كعادة القرآن يستخدم التشبيهات الدقيقة ليقرب لأذهاننا الصورة. 

إن انهيار السماء شبيه جداً بانهيار النجوم، ولو تأملنا الصور التي تمثل انهيار النجوم وما تخلفه من غبار ودخان كوني، رأينا مشهداً مطابقاً لما نراه في الصورة التي أمامنا، أي سنشاهد لوحة زيتية مدهنة تشبه الوردة، ولذلك فإن أفضل تشبيه لانهيار السماء وتشققها هو هذا المشهد! 

وهذا ما فعله القرآن تماماً حيث شبه لنا انهيار السماء بانهيار النجوم وما ترسمه من صورة رائعة لوردة كالدهان،
يقول تعالى: (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) [الرحمن: 37-40]. 

ومع أن الآية تتحدث عن يوم القيامة إلا أن الله تعالى حدثنا عن شيء نراه أمامنا ليكون ذلك شاهداً على صدق كلام الله تعالى وصدق وعده يوم القيامة. وكأن الله تعالى يخاطب المشككين بهذه الآية فيقول لهم: كما أنكم ترون هذه الانفجارات وهذه السدم الكونية وتطلقون عليها اسم "الوردة" وتشاهدون ألوانه الزاهية كالدهان الملون الذي يغطي اللوحة الفنية، كما أنكم تشاهدون ذلك في الصور الكونية التي التقطتها مراصدكم، كذلك سوف يأتي ذلك اليوم عندما تتشقق السماء بأكملها وتنهار، وتُسألون عن ذنوبكم لا يُسأل عنها أحد غيركم، فهل تخشع قلوبكم ولا تكذبون بنعم الله وآلائه؟!! 

نسأل الله تعالى أن يبصرنا بديننا ويهدينا إلى الحق وأن يجعل هذه الآيات دليلاً مادياً على صدق القرآن وصدق رسالة الإسلام، وصدق سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام. 

ملاحظة: 

إن الألوان التي نراها في الصورة ليست حقيقية بل هي من صنع الكمبيوتر، وذلك لأننا لا نستطيع رؤية هذا النجم إلا بالأشعة تحت الحمراء، ثم معالجة الصورة بالكمبيوتر، ولكن لو تمكنا من الاقتراب من هذا النجم ورؤيته سوف نرى نفس الألوان تقريباً، لأن الانفجار النجمي ينتج مجالاً واسعاً من الترددات التي نراها ألواناً زاهية أشبه ما تكون بلوحة فنية رائعة!

الطرُق في السماء

في مقالة نشرها موقع وكالة ناسا يؤكدون أن الكون مليء بالمادة المجهولة التي يسمونها المادة المظلمة، هذه المادة تشبه الطرق في السماء، وهذه الطرق تتحرك عليها المجرات.. ويقول الباحث غراي: 

But in our case the city is a supercluster, the roads are dark matter, and the people are galaxies." 

يشبّه هذا الباحث التجمعات الهائلة للنجوم بالمدن، أما المادة المظلمة فهي الطرق، وأما المجرات فهي الناس الذين يتحركون عبر هذه الطرق. 

إذاً الحقيقة العلمية اليوم تقول بأن المجرات والنجوم لا يمكن أن تتحرك في فراغ!! كما كان الاعتقاد في السابق، بل لابد من وجود طرق خاصة بها تسبح عبرها. فالفراغ لا وجود له، إنما هناك مجرات وهناك مادة أخرى تسير المجرات عبرها. 

إن وجود طرق في السماء ليس غريباً على علمائنا رحمهم الله تعالى قبل مئات السنين، فهذا هو ابن منظور يقول في معجمه "لسان العرب" في معنى قوله تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ): قال أبو إسحاق: وأهل اللغة يقولون: ذات الطرائق الحسنة. وهذا يدل على أن علماءنا استنبطوا من هذه الآية وجود طرق في السماء، وشكلها يشبه النسيج المحكم! 

المادة في الكون موزعة على ما يشبه النسيج المؤلف من طرق ضخمة جداً تمتد لملايين السنوات الضوئية (كل سنة ضوئية تساوي 10 مليون مليون كيلو متر)، وتتدفق المجرات عبر هذه الطرق وكأننا في مدينة مزدحمة بالمجرات، ولكن ليس هناك أي خلل أو فوضى، بل نظام مذهل ... فسبحان الخالق العظيم! 

وهنا أود أن أتذكر معكم هذه الآيات التي تأتي مطابقة تماماً لهذا الاكتشاف: 

1- يقول تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ) ا [المؤمنون: 17]. هذه الآية تشير بوضوح إلى وجود طرق في السماء، وهو ما يتحدث عنه العلماء اليوم! 

2- يقول تعالى: (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [فُصّلت: 12]. هذه الآية تتحدث عن شيئين: المصابيح والسماء، وهذا يطابق ما يقوله العلماء اليوم، فالمادة المجهولة هي السماء والمجرات والنجوم هي المصابيح! 

3- يقول تعالى: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) [الذاريات: 47]. هذه الآية تشير إلى أن السماء قد بُنيت بناءً حقيقياً، وأنها تتسع وتكبر باستمرار، والعلماء اليوم يؤكدون أن المادة المجهولة عبارة عن طرق تمَّ بناؤها بإحكام وقوة وإتقان، وأنها تكبر وتتسع مع مرور ملايين السنين... سبحان الله انظروا إلى التطابق الكامل... ألا يشهد ذلك على صدق القرآن!