الأحد، 4 أكتوبر 2015

السماء والجاذبية إكتشاف إسلامي

يقول عز وجل: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) [الروم: 25]. في هذه الآية إشارة قوية إلى الجاذبية، وكما نعلم فإن الجاذبية لم يتم اكتشافها إلا في القرن العشرين، وتبين أن قوى الجاذبية تربط أجزاء الكون فلا يتفكك أو ينهار. وفي عام 1912 أعطى آينشتاين تفسيراً علمياً لسرّ ترابط الكون من خلال أمواج الجاذبية. 

ولكن القرآن تحدث عن هذا السر قبل أربعة عشر قرناً في قوله تعالى: (أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ) فقوى الجاذبية هي مخلوق من مخلوقات الله يعمل بأمر الله، فالسماء والأرض وكل محتويات الكون لا يمكنها القيام والاستمرار والتماسك إلا بوجود هذه القوى الجاذبة، وهي أمر من عند الله تعالى. 

وفي هذه الصورة نرى "سديم النسر" وهو مجموعة من النجوم حديثة الولادة، وغيوم من الدخان الكوني، إنه بناء محكم. وفي مركز الصورة نرى ما يسميه العلماء "Pillars of Creation" أعمدة الخلق. والعلماء يتحدثون عن أعمدة من الجاذبية لا تُرى، ويمكن أن نتذكر قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) [الرعد: 2]. 

فكثير من الآيات تشير إلى حقيقة الجاذبية الكونية، وهذه النجوم لا يمكن أن تتماسك لولا قوة الجاذبية. والعلماء من غير المسلمين يعتبرون أن قوة الجاذبية وُجدت هكذا بمجرد المصادفة، ولكن القرآن يحدثنا عن قدرة الله تعالى وتسخيرة لقوة الجاذبية لإمساك هذه النجوم، يقول عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [فاطر: 41]. 

كذلك فإن العلماء يتحدثون في أبحاثهم عن "أبنية كونية عملاقة" تتألف من المجرات والقرآن سبقهم للحديث عن هذه الأبنية وسماها "البروج" يقول عز من قائل: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ) [الحجر: 16].... وهكذا عشرات الآيات تأتي مطابقة لما يراه العلماء اليوم بأحدث التلسكوبات. 

ونقول لأولئك المشككين: بالله عليكم هل يمكن للنبي صلى الله عليه وسلم وهو نبي أمي أن يقدم وصفاً دقيقاً للكون كما نراه اليوم؟ إن هذه الآيات هي دليل صادق على أنه نبي مرسل من عند الله تعالى، وأن كل كلمة في هذا القرآن هي الحق من عند الله، وأذكر في هذا المقام قوله تعالى: (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) [يونس: 53]. 

ملاحظة: 

لفت انتباهنا أحد الإخوة جزاهم الله خيراً إلى أن الجاذبية هي اكتشاف إسلامي وليس غربي! وهذا ما نراه واضحاً في كلام البغدادي الذي تحدث عن قوانين الجسم المقذوف والسقوط الحر فقال: "فكذلك الحجر المقذوف فيه ميل مقاوم للميل القاذف؛ إلا أنه مقهور بقوة القاذف؛ ولأن القوة القاسرة عرضية فيه، فهي تضعف لمقاومة هذه القوة والميل الطبيعي ولمقاومة المخروق.. فيكون الميل القاسر في أوله على غاية القهر للميل الطبيعي، ولا يزال يضعف ويبطئ الحركة ضعفًا بعد ضعف وبطئًا بعد بطء حتى يعجز عن مقاومة الميل الطبيعي، فيغلب الميل الطبيعي فيحرك إلى جهته". 

وهذا يشير بوضوح إلى أن البغدادي يتحدث عن تأثير الجاذبية الأرضية. وكذلك تناول عدد من علماء المسلمين موضوع تسارع الجاذبية الأرضية مثل الخازن في كتابه "ميزان الحكمة"، وهذا يدل على سبق علماء المسلمين للغرب في هذا المجال.

سديم الوردة وإنشقاق السماء



بتاريخ 26 / 7 / 2007 عرضت وكالة ناسا الأمريكية للفضاء ومن خلال موقعها صورة لسديم أطلقوا عليه اسم "الوردة" Rosette Nebula هذه الصورة التقطت بأحد التلسكوبات التي تعمل على الأشعة تحت الحمراء، وطبعاً الأشعة تحت الحمراء هي أشعة غير مرئية، ولكن النجوم تصدر هذه الأشعة ويمكن للمراصد التقاطها. 

إذا تأملنا هذا المشهد نظن بأنه يمثل لوحة زيتية رسمها أحد الفنانين التشكيليين! فتظهر عليها الألوان الأحمر والأخضر والأزرق والأصفر، وتظهر وآثار الدهان وكأن هذا الرسام وضع عليها من جميع الألوان فأصبحت كالوردة المرسومة بالدهان! 

لنتأمل هذه الصورة أولاً ثم نعلق عليها: 

صورة لسديم الوردة، وهو يشبه الوردة المرسومة بألوان زاهية من الدهان، ولكن درجة حرارة هذا السديم تبلغ بحدود 25 ألف درجة على سطح النجوم المشكلة بداخله! ويبعد هذا السديم عنا بحدود 5200 سنة ضوئية، ويبلغ طول هذا السديم بحدود 45 سنة ضوئية. والسنة الضوئية هي مليون مليون كيلو متر تقريباً. 

هذا السديم نتج عن تجمع للغبار والدخان الكوني الناتج من الانفجارات النجمية، وذلك خلال بلايين السنين، وتتشكل في داخله بعض النجوم (ولادة النجوم) وهناك نجوم تموت أيضاً، وهو يمثل مرحلة من مراحل السماء أو من مراحل عمر النجوم. 

والآن نأتي لكتاب الله تعالى لنرى كيف يحدثنا عن يوم القيامة وأن السماء ستنهار وتتشقق، فكيف وصف لنا القرآن هذا المشهد؟ القرآن دائماً يقرب لنا الفكرة لأننا لا يمكن أن نشاهد تشقق السماء لأن المشهد فظيع ومريع، ولكن كعادة القرآن يستخدم التشبيهات الدقيقة ليقرب لأذهاننا الصورة. 

إن انهيار السماء شبيه جداً بانهيار النجوم، ولو تأملنا الصور التي تمثل انهيار النجوم وما تخلفه من غبار ودخان كوني، رأينا مشهداً مطابقاً لما نراه في الصورة التي أمامنا، أي سنشاهد لوحة زيتية مدهنة تشبه الوردة، ولذلك فإن أفضل تشبيه لانهيار السماء وتشققها هو هذا المشهد! 

وهذا ما فعله القرآن تماماً حيث شبه لنا انهيار السماء بانهيار النجوم وما ترسمه من صورة رائعة لوردة كالدهان،
يقول تعالى: (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) [الرحمن: 37-40]. 

ومع أن الآية تتحدث عن يوم القيامة إلا أن الله تعالى حدثنا عن شيء نراه أمامنا ليكون ذلك شاهداً على صدق كلام الله تعالى وصدق وعده يوم القيامة. وكأن الله تعالى يخاطب المشككين بهذه الآية فيقول لهم: كما أنكم ترون هذه الانفجارات وهذه السدم الكونية وتطلقون عليها اسم "الوردة" وتشاهدون ألوانه الزاهية كالدهان الملون الذي يغطي اللوحة الفنية، كما أنكم تشاهدون ذلك في الصور الكونية التي التقطتها مراصدكم، كذلك سوف يأتي ذلك اليوم عندما تتشقق السماء بأكملها وتنهار، وتُسألون عن ذنوبكم لا يُسأل عنها أحد غيركم، فهل تخشع قلوبكم ولا تكذبون بنعم الله وآلائه؟!! 

نسأل الله تعالى أن يبصرنا بديننا ويهدينا إلى الحق وأن يجعل هذه الآيات دليلاً مادياً على صدق القرآن وصدق رسالة الإسلام، وصدق سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام. 

ملاحظة: 

إن الألوان التي نراها في الصورة ليست حقيقية بل هي من صنع الكمبيوتر، وذلك لأننا لا نستطيع رؤية هذا النجم إلا بالأشعة تحت الحمراء، ثم معالجة الصورة بالكمبيوتر، ولكن لو تمكنا من الاقتراب من هذا النجم ورؤيته سوف نرى نفس الألوان تقريباً، لأن الانفجار النجمي ينتج مجالاً واسعاً من الترددات التي نراها ألواناً زاهية أشبه ما تكون بلوحة فنية رائعة!

الطرُق في السماء

في مقالة نشرها موقع وكالة ناسا يؤكدون أن الكون مليء بالمادة المجهولة التي يسمونها المادة المظلمة، هذه المادة تشبه الطرق في السماء، وهذه الطرق تتحرك عليها المجرات.. ويقول الباحث غراي: 

But in our case the city is a supercluster, the roads are dark matter, and the people are galaxies." 

يشبّه هذا الباحث التجمعات الهائلة للنجوم بالمدن، أما المادة المظلمة فهي الطرق، وأما المجرات فهي الناس الذين يتحركون عبر هذه الطرق. 

إذاً الحقيقة العلمية اليوم تقول بأن المجرات والنجوم لا يمكن أن تتحرك في فراغ!! كما كان الاعتقاد في السابق، بل لابد من وجود طرق خاصة بها تسبح عبرها. فالفراغ لا وجود له، إنما هناك مجرات وهناك مادة أخرى تسير المجرات عبرها. 

إن وجود طرق في السماء ليس غريباً على علمائنا رحمهم الله تعالى قبل مئات السنين، فهذا هو ابن منظور يقول في معجمه "لسان العرب" في معنى قوله تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ): قال أبو إسحاق: وأهل اللغة يقولون: ذات الطرائق الحسنة. وهذا يدل على أن علماءنا استنبطوا من هذه الآية وجود طرق في السماء، وشكلها يشبه النسيج المحكم! 

المادة في الكون موزعة على ما يشبه النسيج المؤلف من طرق ضخمة جداً تمتد لملايين السنوات الضوئية (كل سنة ضوئية تساوي 10 مليون مليون كيلو متر)، وتتدفق المجرات عبر هذه الطرق وكأننا في مدينة مزدحمة بالمجرات، ولكن ليس هناك أي خلل أو فوضى، بل نظام مذهل ... فسبحان الخالق العظيم! 

وهنا أود أن أتذكر معكم هذه الآيات التي تأتي مطابقة تماماً لهذا الاكتشاف: 

1- يقول تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ) ا [المؤمنون: 17]. هذه الآية تشير بوضوح إلى وجود طرق في السماء، وهو ما يتحدث عنه العلماء اليوم! 

2- يقول تعالى: (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [فُصّلت: 12]. هذه الآية تتحدث عن شيئين: المصابيح والسماء، وهذا يطابق ما يقوله العلماء اليوم، فالمادة المجهولة هي السماء والمجرات والنجوم هي المصابيح! 

3- يقول تعالى: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) [الذاريات: 47]. هذه الآية تشير إلى أن السماء قد بُنيت بناءً حقيقياً، وأنها تتسع وتكبر باستمرار، والعلماء اليوم يؤكدون أن المادة المجهولة عبارة عن طرق تمَّ بناؤها بإحكام وقوة وإتقان، وأنها تكبر وتتسع مع مرور ملايين السنين... سبحان الله انظروا إلى التطابق الكامل... ألا يشهد ذلك على صدق القرآن!

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

بغير عمد ترونها 🌌



يقول تعالى: (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) [الرعد: 2]. وهنا أود أن أتوقف مع كلمة (عَمَدٍ) وهي الأعمدة التي تقوم عليها السماء، ولكن ما هي السماء؟ السماء هي كل شيء من فوقنا. وتمتد من الغلاف الجوي للأرض حتى آخر مجرة في الكون. والذي ينظر إلى السماء من خارج الكون يرى نسيجاً محكماً. هذا النسيج هو عبارة عن بناء لبناته هي المجرات! 

صورة تحاكي الكون وكأننا ننظر إليه من الخارج! ونرى مجموعات من المجرات تتوضع على خيوط، وكأنها لبنات بناء وقوى الجاذبية تربط بين هذه المجرات وتتحكم بتوزعها بهذا النظام الرائع، والذي يشهد على عظمة الخالق تبارك وتعالى. 

فكلّ خيط من خيوطه يمتد لملايين السنوات الضوئية وتتوضع عليه مئات المجرات. وجميعها تقوم على قوى الجاذبية التي خلقها الله لضمان تماسك الكون، وعدم انهياره، ولذلك نجد في هذه الآية الكريمة معجزتين: 

1- نفهم من هذه الآية أن الله تعالى خلق السماوات من غير أعمدة، وبالفعل فإن الذي ينظر إلى الكون من الخارج يرى كتلاً ضخمة من المجرات ترتبط وتتحرك بنظام وكأنها مجموعة واحدة، وهذه المجرات تم رفعها وتوضعها في أماكنها المخصصة لها من دون أعمدة، بل بمجموعة قوانين فيزيائية خلقها الله وسخرها لاستمرار الكون. 

2- ويمكن أن فهم الآية بطريقة أخرى: أن هناك أعمدة ولكنها غير مرئية! ويكون معنى الآية "رفع السماوات بعَمَدٍ ولكن لا ترونها" وهنا وجه إعجازي أيضاً. فقوى الجاذبية التي لا نواها هي الأعمدة التي خلقها الله، ولولاها لما استمر الكون ولما توزعت المجرات بهذه الطريقة. 

وسبحان الله! كيفما فهمنا الآية يبقى الإعجاز مستمراً، وهذا يدل على أن هذه الآية تنزيل من حكيم خبير: (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) [هود: 1]. بينما نجد في الكتب التي كانت سائدة زمن نزول القرآن معلومات كونية خاطئة. فقد كان الاعتقاد السائد أن الأرض تقوم على سلحفاة أو حوت أو ثور... ولم يكن لأحد علم بوجود أعمدة غير مرئية تربط أجزاء الكون وهي قوى الجاذبية!

أكبر تلسكوب بالعالم



التلسكوب الجديد المقام على جزر الكناري، يمكن أن يصور "طبق طعام" على سطح القمر، من خلال المساحة العملاقة للسطح العاكس للضوء!! 

ومن المتوقع أن يساعد العلماء في إيجاد أجوبة عن أصل الكون. ويعد "تلسكوب جزر الكناري الكبير" أو كما يشار إليه اختصارا (جي.تي.سي) الأكبر بين نحو 12 تلسكوباً مشابهاً في العالم. عن ذلك يقول فرانسيسكو سانشيث، مدير معهد الكنارى لعلوم فيزياء الفضاء في جبل روك دولوس موفاكوس بجزيرة لابالما: "هذا التلسكوب معجزة. إنه يشكل تحدياً كان الكثيرون يرونه مستحيلاً". 

صورة لإحدى المجرات البعيدة عن كوكب الأرض والتي يقدر العلماء بعدها بسبعين مليون سنة ضوئية، أي أن ضوء هذه المجرة استغرق 70 مليون سنة حتى وصل إلينا وصوره العلماء!!! تأملوا ضخامة هذا الكون، كم تساوي أيها الإنسان أمام هذه المسافات؟! 

هذا التلسكوب يضاهي ارتفاعه ارتفاع مبنى من 14 طابقاً ويبلغ قطر قبته 35 متراً. وتتيح إمكانية تحرك الضوء بسرعة 300 ألف كيلومتر في الثانية مساعدة التلسكوبات على تسجيل صور لأحداث وقعت قبل آلاف الملايين من السنين. فكلما كبر حجم التلسكوب كلما زادت مسافة الضوء التي يستطيع رصدها، ما يجعله بالتالي أكثر قدرة على الغوص في الماضي. 

ويضم التلسكوب الذي يعمل تجريبيا منذ عام 2007 مرآة أولية قطرها 10.4 متراً. وعلى عكس جيل التلسكوبات الأقدم التي تكون المرآة الأولية فيها عبارة عن قطعة واحدة، فإن المرآة المقعرة لتلسكوب الكناري تتكون من 36 قطعة سداسية الشكل. أما مساحة السطح العاكس للضوء في التلسكوب الجديد فتبلغ 82 متراً، ما يجعله شديد الدقة لدرجة يمكن معها رؤية طبق طعام على سطح القمر. 

وقد استغرق بناء التلسكوب تسعة أعوام! ومن بين الصعوبات التي أدت إلى طول مدة إقامته رفع أجزاء التلسكوب الذي تزن 400 طن إلى واحدة من أفضل مواقع رصد الفيزياء الفضائية في العالم على ارتفاع 2400 متر. يُذكر أن تكلفة إقامة التلسكوب بلغت 130 مليون يورو. 

ويستطيع التلسكوب الجديد بمرآته القوية رصد مجرات بعيدة، الأمر الذي من شأنه أن يساعد العلماء على العمل لحل لغز أصول نشأة الكون. كما قد يوفر معلومات حول المكونات الكيميائية التي خلفها الانفجار الكبير، الذي تمخضت عنه نشأة الكون قبل 14 مليار عام. 

كما يأمل العلماء في أن يوفر التلسكوب الجديد معلومات جديدة حول الثقوب السوداء والكويكبات، التي لم تستطع التلسكوبات الأقل تطوراً رصدها. وقد ينجح التلسكوب الجديد في اكتشاف مجموعات جديدة من الكواكب السيارة وربما يوفر دلائل للإجابة على السؤال حول ما إذا كانت هناك حياة على كواكب أخرى. 

مجرة درب التبانة أو درب اللبانة حيث تسبح مجموعتنا الشمسية في فضاء أحد أطرافها، هذه هي مجرتنا كما تبدو من على سطح الأرض... انظروا كم تحوي من نجوم، يقدر العلماء حديثاً بأن هذه المجرة يمكن أن يصل عدد النجوم فيها إلى 400 مليار نجم!!! تصوروا أن الشمس هي مجرد نجم لا يكاد يرى من بين نجوم هذه المجرة، فكم هذا الكون واسع وكبير.. لابد أن الخالق تعالى أكبر وأعظم، ربما عزيزي القارئ أصبحت الآن تتذوق حلاوة هذه العبارة التي تكررها وتسمعها مراراً "الله أكبر"!!! 

تعليق وأمنية 

أحبتي في الله! انظروا كيف يتسابق الغرب على إنشاء المشاريع العلمية والتي تخدم البشرية وتقدم المعرفة. فهذه هي الأندلس التي كانت منارة للعلم تشع نور المعرفة على العالم عندما كانت أوربا تتخبط في ظلام الجهل، وكان المسلمون يملكون ناصية العلم والمعرفة قبل عدة مئات من السنين، ولكن كيف حالنا اليوم؟! 

وينبغي ألا ننسى بأن مثل هذا التلسكوب العملاق ومن قبله الكمبيوتر العملاق وغيره من المخترعات العلمية هي وسائل سخرها الخالق عز وجل، لنكتشف بها أسرار الكون ونستيقن بعظمة الخالق تبارك وتعالى، وندرك خلق السموات والأرض وندرك صدق كلام الحق جل وعلا عندما قال: (لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [غافر: 57]. 

إن الدعوة للبحث عن أسرار الخلق وبداياته بدأها القرآن قبل أربعة عشر قرناً عندما وجَّه نداء للبشر بقوله تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [العنكبوت: 20]. ولذلك فإننا كمسلمين أولى بالاستجابة لهذا النداء الإلهي، لأن الغرب يبحث عن أسرار الخلق من دون هدف ولمجرد حب المعرفة أو السيطرة على العالم... 

ولكن الله تعالى حدّد لنا الهدف في قوله تعالى: (ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ) أي لنتخذ من هذه الكشوفات والحقائق العلمية وسيلة لإدراك أن الله قادر على إعادة الخلق، ولكن الغرب اليوم وللأسف يستخدم هذه الحقائق العلمية لمزيد من الإلحاد! 

ونقول إن أقل شيء يمكن أن نقدمه لخدمة القرآن أن نفهم القرآن! وبما أن القرآن يأمرنا بالبحث والدراسة لأسرار الخلق وأن ننظر إلى الكون من حولنا فينبغي أن نتأمل هذا الكون استجابة لنداء الحق جل جلاله: (قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ) [يونس: 101]. ولذلك فإن أقل شيء يمكن لأحدنا أن يفعله أن يتدبر آيات القرآن الكونية وأن يقول: سبحان الله!

الأحد، 27 سبتمبر 2015

الصعود الى السماء عبر سلم فضائي إعجاز قرآني قادم


طرح القرآن العديد من الإشارات الكونية لم يكن أحد يتصورها وقت نزولها. ومنها الصعود إلى السماء، يقول تعالى: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) [الحجر: 14-15]. فهذه الآية الكريمة تؤكد إمكانية صعود البشر إلى السماء واستمرارهم حتى يصلوا إلى منطقة تسكَّر فيها الأبصار وتغلق وتنعدم الرؤيا، وبالفعل خرج الإنسان خارج الغلاف الجوي ورأى الظلام الدامس الذي يحيط بالأرض، وتبين له أن النهار مجرد طبقة رقيقة جداً. 

ولكن هناك آية ثانية تتحدث عن تقنية الصعود وتؤكد إمكانية الصعود إلى السماء من خلال "سلم فضائي"، يقول تعالى: (وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ) [الأنعام: 35]. ففي قوله تعالى: (سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ) إشارة إلى إمكانية تحقق الصعود من خلال السلّم. 

والعجيب أنه لفتت انتباهي مقالة جاءت تحت نفس العنوان: "سُلَّم إلى السماء Stairway to heaven " فقد أكد الباحثون أن الصعود إلى السماء من خلال سلّم يتم تركيبه هو أمر ممكن علمياً، ولا غرابة في ذلك! 

فقد كشف العلماء أنهم يعملون منذ أعوام على تطوير مصعد يماثل ذلك المستخدم في الأبنية العادية، لكنه مخصص لنقل ركاب من الأرض إلى محطات ومركبات في الفضاء، مشددين على أن ذلك سيفتح الباب أمام حقبة جديدة في تاريخ العالم، يمكن خلالها تناول طعام العشاء أو حضور السينما في محطات فضائية!! 

وذكر العلماء أن تطوير هذا النظام - الذي كان حتى فترة قريبة من بنات أفكار الخيال العلمي- ممكن خلال سنوات قليلة مقبلة، سيتمكن بعدها البشر من الوصول إلى الفضاء بصورة أسرع وأرخص وأكثر أمناً من وسائل النقل الحالية المتمثلة في الصواريخ. 

وقال ديفيد سميثرمن، المهندس في مركز جورج مارشال للأبحاث التابع لوكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" إن البحث في تطوير هذا النظام جائر علمياً، وإن كان هناك بعض العقبات الواجب تجاوزها. فالفكرة تعتمد على فرضيات بسيطة، أولها أن الأقمار الصناعية أو المحطات الفضائية يمكن تثبيتها في الفضاء عند نقطة معينة، وبالتالي يمكن مد أسلاك منها إلى سطح الأرض، وستثبت تلك الأسلاك في مكانها بالاعتماد على قانون "القصور الذاتي" الفيزيائي. 

يقول العالم الأمريكي "ديفيد سميثرمن" إن أبحاث بناء مصعد فضائي مهمة للغاية، لأنها تتيح لها بناء جسر مع الفضاء عوض شحن كل ما نرغب به عبر الصواريخ. والعقبات التي تعترض تطوير هذا النظام ما تزال كبيرة، أبرزها عدم وجود مادة معروفة قوية لدرجة تتيح استخدامها في بناء أسلاك ستحمل الأوزان الثقيلة من الأرض إلى الفضاء، علماً أن طول الأسلاك قد يصل إلى 22 ألف كيلومتر. 

ويحتاج العلماء إلى تطوير مادة خفيفة للغاية وأقوى بـ25 مرة من المواد المعروفة حالياً على الأرض. وهناك مشاكل لابد من معالجتها مثل حماية المصعد والأسلاك من حطام المركبات والأقمار الصناعية الذي يطوف في مدار الأرض، إلى جانب الكلفة الباهظة للنظام، والتي قد تصل إلى 20 مليار دولار. ويمكن إنجازه خلال عشر سنوات من الآن! 

وتجدر الإشارة إلى أن وكالة ناسا عرضت مبلغ مليوني دولار لمن يقدم دراسة عملية لمشروع "المصعد الفضائي" وهذا يعني أن الأمر مأخوذ على محمل الجد، وهناك علماء يدرسون بالفعل هذا المشروع... الذي طرحه القرآن قبل أربعة عشر قرناً!!! 

سوف يستخدم العلماء تقنية النانو فيما يسمى nanotubes أي أنابيب دقيقة مصنوعة من الكربون، وهي أقوى من الفولاذ بمئة مرة. ولكي نتصور مدى دقة هذه الأنابيب فإن كل خمسين ألف أنبوب يساوي سمك شعرة واحدة فقط! والطريقة التي ستستخدم هي مدّ حبال من هذه الأنابيب من الأقمار الاصطناعية المثبتة في الفضاء باتجاه الأرض، ويمكن التسلق عليها والارتفاع بشكل آلي أشبه بإنسان يتسلق على سلّم، ولكن هذا السلم يمتد لـ 35000 كيلو متر!!

إن نقل كيلو غرام واحد إلى الفضاء الخارجي بالطريقة التقليدية (الصواريخ) يكلف ثمانين ألف دولار، بينما بطريقة السلّم الفضائي سوف تكلف 200 دولار فقط. ومن الفوائد الكبيرة لمصعد الفضاء تزويد الأرض بطاقة كهربائية لا تنفذ من خلال استثمار أشعة الشمس في الفضاء وتحويلها إلى كهرباء وإمداد الأرض بها. ومن الفوائد إزالة النفايات النووية والتخلص منها إلى الفضاء الخارجي لعدم تلويث الأرض. 

إن عرض السلم سيكون بحدود متر واحد، ولكن سماكته نصف سنتمتر. وسوف يحمل في كل مرة بحدود 20 طن، ويرفعها للفضاء الخارجي. وقد عرضت اليابان مبلغ خمسة مليارات دولار لهذا المشروع، ويقول البروفسور Yoshio Aoki مدير جمعية المصعد الفضائي في اليابان، إن هذا المشروع ممكن التحقيق إذا توافرت لدينا مادة قوية جداً ومرنة جداً من أجل بناء هذا السلم الفضائي. 

أحبتي في الله! ربما يقول بعض المشككين إن فكرة الصعود في سلم إلى السماء مطروحة من قبل نزول القرآن، وعلى عادة المشككين يقولون: إن محمداً صلى الله عليه وسلم اقتبس هذه الفكرة ممن سبقه. ولكي لا ندع مجالاً للشيطان فإن العلماء يؤكدون أن كاتب الخيال العلمي Arthur C Clarke هو أول من طرح فكرة الصعود إلى السماء عبر السلم الفضائي وذلك عام 1979 من خلال كتابه The Fountains of Paradise (المقالة موجودة على موقع مجلة Telegraph) ... 

لذلك فإن القرآن قد سبق هذا العالم بأربعة عشر قرناً كاملة إلى طرح فكرة المصعد الفضائي في قوله تعالى: (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ) بل إن الآية الكريمة تطرح فكرة جديدة وهي حفر نفق داخل الأرض يمكن أن يصل لأعماق كبيرة جداً قد يسهّل عملية السفر والتنقل بين القارات... 

وأخيراً 

ينبغي أن يعلم الجميع أن كل ما يطرحه القرآن هو الحق ولا يوجد في القرآن "خيال علمي" أو أساطير أو أوهام كما يدعي بعض المشككين. فالقرآن ذكر كلام النملة وبالفعل أثبت العلماء أن النمل يصدر ترددات صوتية يتخاطب بها، والقرآن تحدث عن احتمال الكذب عند الطيور وبالفعل كشف العلماء أن بعض الطيور تكذب! 

والقرآن تحدث عن أمواج عميقة في البحر، وجاء العلم وكشف هذه الأمواج بدون أي شك، والقرآن تحدث عن وجود دخان في الكون، وبالفعل اكتشف العلماء هذا الدخان... وهكذا لم يتحدث القرآن عن شيء إلا وثبُت صدقه عاجلاً أم آجلاً. 

ولذلك يا أحبتي فإن القرآن عندما يحدثنا عن حالة الضيق التي يعاني منها شخص يصعد في السماء، هذا المثال لم يكن من خيال محمد صلى الله عليه وسلم، بل هو مثال واقعي من الممكن أن يتحقق... يقول تعالى: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) [الأنعام: 125]. 

وهذا يقودنا إلى طريقة جديدة في البحث، فكل الأمثلة التي ضرها الله في القرآن هي أمثلة حقيقية وقابلة للتطبيق، ولذلك فإن القرآن يفتح أمانا أبواباً جديدة للبحث. فكل ما جاء في القرآن واقعي ممكن التحقق. فعلى سبيل المثال يقول تعالى: (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [الزمر: 22]. والسؤال: هل قسوة القلب مجازية أم حقيقية؟ 

إننا نقول إنها قسوة حقيقية، ولو أُجريت قياسات دقيقة على قلوب مؤمنين وقلوب ملحدين، سوف نرى الفرق واضحاً، لأن قلب المؤمن يكون ليناً كما قال تعالى: (ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ) [الزمر: 23].... وهكذا مئات الأمثلة. 

ونقول: إن المصعد الفضائي عندما يتحقق (إن شاء الله) فهذا يعني أن القرآن هو أول كتاب يتحدث عن مثل هذا الإنجاز العلمي، وتجدر الإشارة إلى أن شكل هذا السلم لابد أن يكون متعرجاً وليس مستقيماً، لأن الله تعالى يقول: (يَعْرُجُونَ) أي يصعدون بخط منحنٍ ومتعرج، والله أعلم، وستكون هذه معجزة قرآنية تشهد بصدق هذا الكتاب العظيم، نسأل الله تعالى أن يرزقنا العلم النافع وأن يبصّرنا بهذا القرآن، إنه على كل شيء قدير.